أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. إنهم ما زالوا مرتدين
فائدة مهمة: الشيعة يحتجون بهذه الآية (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل. أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم). ليؤكدوا أن الصحابة ارتدوا من بعد موته إلا ثلاثة أو سبعة.
وهذا يدل على تناقضهم فإنهم عندما يدافعون عن الاستغاثة بغير الله يشددون على أن النبي لم يمت بل هو باق حي في قبره. متجاهلين قوله تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون).
السؤال الأول لمن يفرطون في محبة وتعظيم علي:
هل بايع علي مرتدين؟ وزوج أحدهم ابنته؟ وسمى أبناءه بأسمائهم؟
هل صرح علي على اٌل بعد موت عمر بأن ابنته أم كلثوم كانت تحت مرتد؟
ثم إن الآية لا تفيد تحقق الارتداد وإنما تحذيرهم من ذلك كما قال تعالى لنبيه الكريم أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. فلماذا أخذتم القرآن عنهم وهم مرتدون محرفون للنصوص؟ وهل عندكم بدائل عنهم؟
على أن هناك جماعة ارتدوا بعد موت النبي وأرسل أبو بكر في حربهم. وكان ممن حاربهم علي الذي كانت تحته امرأة من سبيهم وهي خولة بنت جعفر أم محمد بن علي الأكبر (شرح الأخبار3/295 للقاضي النعمان المغربي) ونسب المجلسي هذا القول إلى المحققين من الرواة وجعله هو القول الأظهر (بحار الأنوار42/99).
وذكر الحافظ أن « أم محمد بن الحنفية كانت مرتدة فاسترقها علي واستولدها. وذكر الواقدي في كتاب الردة من حديث خالد بن الوليد أنه قسم سهم بني حنيفة خمسة أجزاء وقسم على الناس أربعة وعزل الخمس حتى قدم به على أبي بكر ثم ذكر من عدة طرق أن الحنفية كانت من ذلك السبي قلت وروينا في جزء بن علم أن النبي رأى الحنفية في بيت فاطمة فأخبر عليا أنها ستصير له وأنه يولد له منها ولد اسمه محمد« (التلخيص الحبير4/50). وهذا يؤكد أن عليا شارك في حروب الردة
السؤال الثاني: هل يتناقض القرآن؟ كيف يفهم من هذا ارتدادهم وهو الذي أثنى عليهم مهاجرين وأنصارا؟ كيف يمكن الله للمنقلبين أن يتملكوا المنصب الإلهي ويحرم منه من وعدهم بالتمكين؟
فهل عندكم من مخرج سوى القول بالبداء وأن الله بدا له في الصحابة ما لم يكن يعرف له من قبل؟
حديث أصحابي عام. والقرآن خص المهاجرين والأنصار بالثناء. فهل الرافضة يخصصونهم بالثناء موافقة للقرآن؟
القرآن أثبت وجود منافقين كانوا يتظاهرون بالاسلام ولم يكن النبي يعلم العديد منهم كما قال الله تعالى وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ . فهذه الآية متعلقة بالمنافقين لا بالمهاجرين والأنصار وأصحاب الشجرة. وأبو بكروعمر منهم.
وقد قال الرسول لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة. تأمل قوله (لا يدخل النار) وفي لفظ (لن يلج النار أحد بايع تحت الشجرة) (رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني في صحيح رقم7680 وصحيح الترمذي3033 وصحيح أبي داود2792). وقد احتج به حتى الشيعة منهم الطباطبائي في (تفسير الميزان18/293).
والذي نفسي بيده ليردن على الحوض ممن صحبني أقوام حتي إذا رأيتهم اختلجوا دوني فلأقولن أصحابي أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعد إيمانهم ارتدوا على أعقابهم القهقري». ذكره الثعلبي في تفسيره فقال أبو أمامة الباهلي: هم الخوارج ويروي عن النبي أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية...» مجمع البيان2/162).
أما بالنسبة للصحبة فإنها إسم جنس ليس له حد في الشرع ولا في اللغة، والعرف فيها مختلف والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد الصحبة بقيد ولا قدّرها بقدْرٍ بل علّق الحكم بمطلقها ولا مطلق لها إلا الرؤية , فقد جاء في رواية « ليردن عليّ الحوض رجالٌ ممن صحبني ورآني» (فتح الباري11/393).
والرسول قد ذكرهم بصيغة التصغير. فقد روى أنس بن مالك فيما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قـال « ليردن عليّ الحوض ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ اختلجوا دوني فـلأقولنّ أى ربي أُصَيْحابـي أُصَيْحابـي فَلَيقالـنّ لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعـدك (شرح مسلم2304 والبخاري6211).
جاء في بعض الروايات أنهم (من أمتي) ومرة (رجال منكم) ومـرة (زمرة) فلا يصـح أن يحمل المعنى على نص واحد فقط هو في حـد ذاته ليس دليلاً على ذم الصحابة فبات ظاهراً لدينا أن الأمر لا يعدو أن يكون من خزعبلات الرافضة.
أما قوله في الحديث أنه عرفهم ليس بالضرورة أنه عرفهم بأعيانهم بل بمميزات خاصة كما يوضحها حديث مسلم « ترد عليَّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله، قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟ قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم تردون عليّ غراً محجلين من آثار الوضوء. وليُصدَّن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يارب هؤلاء من أصحابي فيجبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟» (شرح مسلم3/رقم (247) .