من كنت مولاه فهذا علي هو مولاه
إذا كان ذلك يعني الإمامة فليقل الرافضة أن عليا لم يعد مولانا ومولى كل مؤمن لأنه انتهت إمامته. فهل ما زال علي مولانا أم لم يعد.
الرسول لا يذكر الناس بمنزلة إمامة مزعومة. بل يذكرهم بمنزلة النبوة. لا يعقل أن يذكر النبي الناس بمنزلة الإمامة.
هذا الطرف حكم الهيثمي بصحته قبل الألباني فقال » في الصحيح طرف منه وفي الترمذي (من كنت مولاه معلي مولاه) (مجمع الزوائد9/164). دون الزيادات التي في الروايات الأخرى مثل » اللهم وال من والاه وعاد من عاداه«.
مناسبة ورود النص مهمة في فهمه، بل هي أقوى القرائن على تقييد الألفاظ ذات المعاني المشتركة. فقد جاء في صدر هذه الرواية أن النبي قال لبريدة «أتبغض عليا؟ فقال بريدة نعم. فقال النبي : من كنت مولاه فعلي مولاه» وفي رواية « اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» فالكلام متعلق بالمحبة والمودة لا الإمامة.
وهذه الرواية تجعل من عليا عدوا لله لو كان الروافض يعلمون. فإن أبا بكر صار عدوا لله لمجرد أخذ الخلافة من علي بزعم القوم. وقد اعترف القوم راغمين بأن عليا بايع أبا بكر. وهذا تول له عند القوم. فكيف يوالي علي من عادى الله؟ أليس يصير علي بموالاة أبي بكر عدوا لله؟
ولك أن تتأمل السياق في بداية الحديث: ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه؟ مثال ذلك:
(مع) ذات معـان مشتركة تعرف بحسب السياق. فمعناها في قولـه تـعالى يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (النساء:108). فهي تعني هنا العلم. وأما في قوله تعالى (والله مع المؤمنين) تعني النصر لا العلم.
فالسياق متعلق بالمحبة والقرب لا بالإمامة. وبهذا المعنى لا شك وجوب موالاة علي وكل مؤمن.
فمناسبة الحديث تأبى أن يكون مراد النبي التنصيص على خلافة علي وإمامته. إذ لو أراد النبي الإمامة لصرح بها من دون استعمال ألفاظ مشتركة يتطرق إليها الاحتمال مما يشعل فتيل الفتنة بين أمته من بعده.
ولتأكيد مقصد النبي صلى الله عليه وسلم بموالاة عليّ على أنها الحب والنصرة هو ما رواه احمد في الفضائل عن ابن بريدة عن أبيه قال « بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل علينا علياً، فلما رجعنا سأَلنا: كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإما شكوته أنا إما شكاه غيري فرفعت رأسي وكنت رجلاً من مكة، وإذا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احمرّ فقال: من كنت وليه فعليّ وليه». خصائص أمير المؤمنين برقم (77) وأحمد في الفضائل برقم (947) وقال المحققان: صحيح. ومن هنا نعلم أن المولاة المقصودة هي الحب والنصرة.
أن هذا الفهم الشيعي الخاطئ يرده قوله تعالى وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ويرده ما عند الشيعة في (نهج البلاغة 3/7) أن عليا قال » إنما الشورى للمهاجرين والأنصار. فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا« .
إذا كان الله وعد بالإمامة لأهل البيت ولم يحقق لهم وعده فهذا طعن به سبحانه. فنسأل: كيف غلبت إرادة أبي بكر وعمر إرادة الله؟
المولى هو المحب والنصير
الحديث لا علاقة له بمسألة الإمامة. وإنما بالموالاة التي هي ضد المعاداة وهي غير الولاية. وهذه الموالاة ليست مقصورة على علي رضي الله عنه. بل هي لكل مسلم.
قال ابن الأثير في النهاية « الوَلايَةُ بالفَتْح في النَّسَب والنُّصْرة والمُعْتِق. والوِلاَية بالكسْر، في الإمَارة. والوَلاءُ، المُعْتَق والمُوَالاةُ مِن وَالَى القَوْمَ.
ومنه الحديث «مَن كُنْتُ مَوْلاه فَعَليٌّ مَوْلاه» قال أبو العباس: أي من أحبّني وتولاني فَليَتَولَّهْ. وقال ابن الأعرابي: الوَلِيّ: التابع المُحِبّ» على أكْثر الأسْمَاء المذْكورة. قال الشَّافعي رضي اللَّه عنه: يَعْني بذَلِك وَلاء الإسْلام، كقوله تعالى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (محمد:11).
وقول عمر لعَليّ « أصْبَحْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤمِن» أي ولِيَّ كُلِّ مُؤمن وقيل: سَبب ذلك أنَّ أُسامةَ قال لِعَلِيّ: لَسْتَ مَوْلايَ، إنَّما مَوْلاي رسولُ اللَّه فقال «مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعليٌّ مَوْلاه» (النهاية990).
ولم يرد في القرآن لا على أن الإمامة بالنص ولا استعمل لفظ المولى في موضوع الإمامة والخلافة.
وفي الحديث »أسلم وغفار ومزينة وجهينة وقريش والأنصار موالي دون الناس، ليس لهم مولى دون الله ورسوله« (رواه أحمد 5/417 والحاكم 4/82 وصححه ووافقه الذهبي). وعند مسلم بلفظ مختلف (رقم 3313).
(يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا). وهذا في النصرة لا في الإمامة.
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم.
بل الله مولاكم وهو خير الناصرين.
فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين.
الألباني صحح حديث الولي ولكن كشف سوء فهمكم للغة العربية بعدم تفريقكم بين الولاية بكسر الميم والتي تعني المحبة والنصرة وبين الولاية بفتحها.
قال الألباني ناقلا عن ابن تيمية «فالموالاة ضد المعاداة وهو حكم ثابت لكل مؤمن وعلي رضي الله عنه من كبارهم يتولاهم ويتولونه. ففيه رد على الخوارج والنواصب، لكن ليس في الحديث أنه ليس للمؤمنين مولى سواه، وقد قال النبي « أسلم وغفار ومزينة وجهينة وقريش والأنصار موالي دون الناس، ليس لهم مولى دون الله ورسوله» فالحديث ليس فيه دليل البتة على أن عليا رضي الله عنه هو الأحق بالخلافة من الشيخين كما تزعم الشيعة لأن الموالاة غير الولاية التي هي بمعنى الإمارة» (سلسلة الصحيحة5/264) (نقلا عن منهاج السنة4/104) كيف يدعوننا النبي الى التمسك بما عليه الأئمة وغالب ما عند الشيعة من الرواية عنهم لم يتم تصحيحه.
فيقال لهم: إذا كان لفظ (مولى) يأتي بمعنى (أولى) وبمعنى (الولاء والقرب والمحبة):
أولا: فالفرقان والحاكم هو السياق. هو الذي يحدد أي هذه المعاني المتعددة أولى بهذا اللفظ. ومناسبة الحديث تذكير من أظهروا شيئا من بغض علي بأهمية محبته. ولا علاقة له بموضوع الإمامة لا من قريب ولا من بعيد.
ثانيا: أن منطوق الأحاديث الأخرى يتعرض ومفهوم الرافضة.
فإن الأحاديث الأخرى جاءت
قال « أبي الله والمؤمنون ان يُختلف عليك يا أبا بكر» (رواه احمد وصححه الألباني). وبلفظ آخر: « ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».
وقال للمرأة التي جاءت تسأله قبل يومين من موته: « إن لم تجديني فأت أبا بكر».
وقال « مروا أبا بكر فليصل بالناس».وقد أورد الحسكاني الرافضي هذه الرواية المكذوبة فقال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي أخبرنا أبو بكر الجرجرائي حدثنا أبو أحمد البصري قال: حدثني محمد بن سهل حدثنا زيد بن إسماعيل مولى الانصاري حدثنا محمد بن أيوب الواسطي عن سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال: لما نصب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه طار ذلك في البلاد فقدم على رسول الله النعمان بن الحرث الفهري فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصلوة والزكاة والصوم فقبلناها منك، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فهذا مولاه. فهذا شئ منك أو أمر من عند الله؟ قال: أمر من عند الله. قال: الله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله؟ قال: الله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله. قال: فولى النعمان وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فرماه الله بحجر على رأسه فقتله فانزل الله تعالى سأل سائل. انتهى (شواهد التنزيل للحسكاني2/381).
قلت: قاتل الله الكذابين فإن هذه كلمة كفار قريش نسبها الرافضي إلى الصحابي الجليل زيد بن أرقم.
وقد كذب شيخنا الألباني هذه الرواية (سلسلة الضعيفة10/2/691).
والرواية ذكرها رافضي إسمه الحسكاني الحنفي زورا الرافضي حقيقة، والرافضة عند الأحناف كفار. فقد ذكر السبكي أن مذهب أبي حنيفة وأحد الوجهين عند الشافعي والظاهر من الطحاوي في عقيدته كفر ساب أبي بكر. (فتاوى السبكي 2/590). وذكر في كتاب الفتاوى أن سب الشيخين كفر وكذا إنكار إمامتهما». وكان أبو يوسف صاحب أبي حنيفة يقول: « لا أصلي خلف جهمي ولا رافضي ولا قدري». (شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي4/733).
وأول الرواة أبو بكر محمد بن أحمد المفيد الجرجرائي. وهو متهم بادعاء أسانيد مختلقة. ولذلك قال الحافظان الذهبي وابن حجر العسقلاني « وهو متهم» (الكشف الحثيث1/216 لسان الميزان6/45).
كذب عبد الحسين
وزعم الكذاب عبد الحسين أن أهل السنة أخرجوا ستة أحاديث بأسانيدهم المرفوعة إلى رسول الله » (المراجعات142).
فلم أجد من ذلك شيئا.
كذلك زعم الكذاب: أن الحاكم قد رواها في مستدركه، وقلده الخميني على طريقة الرافضة في سرقة اللاحق من السابق (كشف الأسرارص156).
وكلاهما كذابان شريكان في الكذب. فإن الرواية لا وجود لها في المستدرك. وإنما تضمن النص الكلام على النضر بن الحارث بن كلدة أنه هو الذي قال ذلك.
وكيف تكون الآية متعلقة بإمامة علي ورفض الصحابة لها والآية مكية كما في الدر (6/263)؟
شبهة حول أن مولى تأتي بمعنى أولى
وقد أجاب الباقلاني عن هذه الشبهة فقال رحمه الله:
« وأما قولهم بأن مولى تأتي في اللغة بمعنى (أولى) بدليل قوله تعالى مأوكم النار هي مولكم يعني هي الأولى بكم. وبدليل قول النبي « إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل يريد بغير إذن مولاها المالك لأمرها».
فيقال لهم ليس فيما ذكرتموه ما يدل على أن معنى مولى معنى أولى لأن قوله هي مولكم المراد به مكانهم وقرارهم وكذلك فسره الناس.
وأما قوله (بغير إذن وليها) فليس وليها من مولاها في شيء لأن أبا المرأة وأخوتها وبني عمها أولياؤها وليسوا مولى لها. وإن كان ولي الأمة مولى لها لأنه لم يكن مولى لها من حيث كان وليها لأن ما ذكرناه ولي وليس بمولى.
وأما احتجاجهم بقول الأخطل:
فأصبحت مولاها من الناس كلهم وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا
فأصبحت مولاها إنما اراد ناصرها والحامي عنها لأن المولى يكون بمعنى الناصر وكان عبد الملك بن مروان إذ ذاك أقدر على نصرها وأشدها تمكنا من ذلك فلهذا قال وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا أي إنك أقدرها على إعزاز ونصرة وإجلال وإهابة وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قلتم.
فلو كان إنما أثبت له الولاية عليهم وجعله أولى بهم وألزمهم طاعته والانقياد لأوامره لوجب أن يكون قد أثبته إماما وأوجب الطاعة له آمرا وناهيا فيهم مع وجوده سائر مدته فلما أجمعت الأمة على فساد ذلك وإخراج قائله من الدين ثبت أنه لم يرد به فمن كنت مولاه من كنت أولى به ولم يرد بقوله فعلي مولاه أنه أولى به ويدل على ذلك أيضا ويؤكده ما يروونه من قول عمر أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن فأخبر أنه قد ثبت كونه مولى له ولكم مؤمن فلم ينكر» (تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل1/453).
قلت: إذا كان لفظ (مولى) يأتي بمعنى (أولى) وبمعنى (الولاء والقرب والمحبة):
أولا: فالفرقان والحاكم هو السياق. هو الذي يحدد أي هذه المعاني المتعددة أولى بهذا اللفظ. ومناسبة الحديث تذكير من أظهروا شيئا من بغض علي بأهمية محبته. ولا علاقة له بموضوع الإمامة لا من قريب ولا من بعيد.
ثانيا: أن منطوق الأحاديث الأخرى يتعرض ومفهوم الرافضة.
فإن الأحاديث الأخرى جاءت
قال « أبي الله والمؤمنون ان يُختلف عليك يا أبا بكر» (رواه احمد وصححه الألباني). وبلفظ آخر: « ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر». وقال للمرأة التي جاءت تسأله قبل يومين من موته: « إن لم تجديني فأت أبا بكر». وقال «مروا أبا بكر فليصل بالناس».